يتم التشغيل بواسطة Blogger.
RSS

عن الكائنات الأخرى



في مكان ما.. تجلس بنت عادية على فراشها كما تحب.. بينما يجلس لاب توب صغير على ساقيها.. تطلق عليه اسما تحبه ويشعر هو بزهو كبير لأن أصدقاءه الآخرين لا يتمتعون بحب فناة هادئة مثلها كما أنهم لا يمتلكون أسماء فأصبح يبتسم لها كلما سمعها تناديه أو كلما مرت من أمامه .. هكذا أمكنهما أن يصبحا أصدقاء .. ولأننا لا ندري حتى الآن كيف تسبح الجمادات ربها ولا كيف تشعر فالبنت لا تعرف أن الجهاز الصغير يبتسم.. تحدق بها شاشته المضيئة طويلا وهي تغني أو وهي تحادث صديقتها أو حتى حين تعود من يوم عمل طويل بينما تمسك برأسها من الصداع فيستغل هو الوقت الذي تصنع فيه فنجان نيسكافيه و يصنع لها قائمة تشغيل صغيرة يضع فيها الأغاني المفضلة لديها . وحين تأتي تندهش لوجود مثل هذه القائمة وتندهش أكثر للأغنيات التي وضعت تماما تماما بنفس الترتيب الذي تحب . تخمن . ربما حفظتها في المرة السابقة ونسيت .وحين تبدأ في الكتابة تزداد إضاءة الجهاز وتستسلم مفاتيحه لأصابعها وهي تلامسها كحلم.. فينتابه ذلك الشعور الجميل بأنه يعرفها منذ زمن طويل .. البنت أيضا لا تعلم أنه يحب حروفا بعينها مثل ( س ) و ( م ) و ( ي ) لأن انتشارها في اللغة يجعل أصابعها ضيوفا دائمين عندها .. بينما لا يطيق حروفا أخرى مثل ( ظ ) و ( ث ) وغيرها ويتعجب باستمرار لقلة استخدامها ويتساءل عن جدوى الحروف إذا لم تستخدم .. ويعشق تحديدا هذين المربعين الصغيرين المتجاورين ( ا ) و ( ل ) الذين تضغطهما أحيانا معا فتكاد نسخة الويندوز الخاصة به أن تنهار من فرط النشوة.. هي لا تعلم كذلك أنها حين تشرد تميل شاشته قليلا عليها تريد أن تلامسها .. هي فقط تنتبه وتعدل من وضع الشاشة ثم تغمض عينيها بقوة وتفتحهما لتعود إلى تركيزها .. ولا تعلم أنه يشعر بانسحاب روحه حين تطفئ أضواءه وتطويه ثم تضعه على المكتب .. تداهمه وحشة ويكتشف جمود المكتب وبرودته مقارنة ب ساقيها.. ربما يغمض عينيه وقتها ويسترجع كم كانت " مبسوطة " من الأغاني التي غناها لها هذا اليوم .. والرسالة غير المتوقعة التي حملها من حبيبها . يضحك بدون صوت حين يتذكر أنه كان يعاندها فلا يريد أن يفتح صفحة الرسالة لكي يتأمل ملامح اللهفة والغيظ على وجهها ويلوم الولد في سره . هذا الولد لو يعرف كم هي تحبه.. ما كان يجرؤ على الابتعاد كل هذه المسافة .. ولأنها لا تعرف فعلا فهي لا تعلم أن الجهاز الصغير - رغم غيرته الشديدة - يتمنى أن يوضع اسم هذا الولد ضمن قائمة الممنوعين من السفر . و أنه يفكر جديا في تصنع المرض حين يأتي حبيبها المرة القادمة كى يظل معها فترة أطول . تعجبه الفكرة فيبدأ في الاستعداد والتدرب جيدا علي دور المريض .


  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS

العشوائيون




فليذهب كل منا
إلي مشروعه


الآلهة ..
لاصطياد العصافير
الطليقة

ومحاسبة الخارجين
عن القانون الدولي

وجباية بيت المال

وليذهب البسطاء
إلي بساطتهم ..

والمتعبون ..
إلي تعب بتضاعف
وفق المنظومات الكونية
ونتائج أبحاث الـ c.i.a

فليذهب كل منا إلي مشروعه
أو .. لا يذهب
لكن ..
لا تجعلوا نساء الوطن المتهالك
يفقدن حماس استخراج الحبة
من سنبلة القمح !

" هو تقريبا ... متأكد "
ديوان لـ " أشرف عامر "


  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS

أبيض أسود



أبيض أسود أبيض أسود أبيـ.. خطأ ، قدمك علي الحد الفاصل ، نعيد مرة أخرى ، خطوة اثنتان ثلاثة .. صح .. باقي خطوتين .. أبيض أسود .. برافووووو . كنت لا أمشي في الشارع مثل الباقين . أصر أن أمشي علي أحجار الرصف الملونة قدم على الحجر الأبيض وأخرى علي الحجر الأسود ولا يصح أن أضع قدمي علي الحد الفاصل بين اللونين . يبدو شيئا غريبا الآن ولكن الأغرب أن أمي كانت تطاوعني . طريق المدرسة كان يستغرق خمس دقائق نقطعه نحن في نصف ساعة . يمر بي معظم زملاء الفصل في الطريق ، يعطونني صباح خير وتعطيهم أمي ابتسامات طيبة وقطع حلوى صغيرة ، كان لديها الكثير من هذه الاشياء . أمي كانت تقول دائما أن الحب طاقة ، فلماذا ضحك زملائي في الفصل حين سألنا المدرس عن أنواع الطاقة التي نعرفها؟ رفعت يدي وقلت طاقة الحب . حينها ابتسم المدرس وقال .. صح ولكن أنا أقصد أنواعا أخرى ، ولم أكن أعرف أنواعا أرى فسكت . حين عدت لأمي أخبرتها بما حدث فضحكت هي الأخري .. بكيت . تضحك علي مثلما فعل الباقون في الفصل؟!! . احتضنتني وقالت لم يقصدوا وأفهمتني الفارق بين طاقة الحب وبين الطاقات الاخرى الغريبة التي شرحها مدرس العلوم . قالت ماذا تعرف عن الطاقة ؟ قلت لا تفنى ولا تستحدث من عدم . يعني؟ . لا أعرف ، هكذا نقول طوال اليوم في الفصل . ضحكت أمي ، ضحكت كثيرا .. ياااااه . ضحكة أمي حلوة جدا . كنت سـ.. آااه ، خبط علي الباب أفزعني . خبط وليس دق . الدق يكون بهدوء ولكن هذا خبط . قرار لحظي : لن أفتح . قرار لحظي آخر : سأفتح .. أوبخ الطارق وأغلق الباب في وجهه ، لا أحد يطرق الأبواب هكذا .

أفتح الباب ، لا أري أحدا ، أغلقه بقوة ، وغيظ . دقيقتان بالضبط ويفزعني خبط آخر ، يا الله ، للصبر حدود فعلا ، اعود وأفتح الباب وادقق النظر جيدا ... أااخ . أخبط جبهتي بكفة يدي وابتسم ، كان لا بد أن أعرف هذا من المرة الأولى . عمر . عمر ابن الجيران . " لو ثمحت يا عمو ثلحلي الطيارة دي " . عمر هذا شبر ونصف ، أربع سنوات لكنه فعلا شبر ونصف . لا يمكنك رؤيتة في أغلب الاحيان ولكن يمكنك بالتأكيد وبمنتهى السهولة أن تتدرك أثره . تتسع ابتسامتي أكثر . أنا أحب عمر وأحب حرف الثاء المسيطر علي معظم حروفه . اللغة العربية لديه عبارة عن عشرين حرف وحرف الثاء . آخذ منه الطائرة الصغيرة ، أفكها وأعيد توصيل سلكين انفصلا عن بعضهما فتنير الطائرة وتتحرك مروحتها الصغيرة . يقفز عمر من الفرحة ويأخذ الطائرة ، يفرد ذراعيه علي اتساعهما ويغمض عينيه بنشوة ويطييييير . بعد أربع أو خمس دورات يتوقف " مع الثلامة عمو " . يفتح الباب ويكمل دورانه علي السلم . أشاهده من البلكونة وقد جمع الأطفال حوله يريهم أنوار الطائرة وحركة مروحتها ثم يشير إلي ويبتسم . يفرد ذراعية ثانية ويدور . يفردون أذرعتهم ويدورون . يصنعون حلقات صغيرة تدور وتدور . يقلدون أصوات الطائرات ويضحكون بصوت عال جدا كأنهم طائرات فعلا. أترك الشقة وأنزل إلي الشارع ، أعطي عمر قبلة صغيرة . لا يتوقف عن اللعب لكنه يصيح " ميرثي يا عمو " ويقولون وراءه " ميرسي يا عمو " . أذهب وأشتري الكثير من الحلويات ، أوزعها عليهم جميعا ولا أعود إلي المنزل ، فقط أقفز فوق الرصيف الملون ، أبيض أسود أبيض أسود . أمر علي المدرسة في طريقي . اذكر مدرس العلوم وأضحك ، أبيض أسود أبيض أسود ، ضحكة أمي ، أبيض أسود أبيض أسود .



  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS