لئلا أكسر هشاشتي ، ألفُ حولي - كالجنين - ثلاثَ غِلالاتٍ شفيفة ، ثلاثٌ بالترتيب هكذا ، " الله ، الخير، إيماني بكل ما يحمله من الصواب و الخطأ " تلتف جميعها حول قلبي و حول الروح و الجسد . غِلالات غير محكمة ، غير مكتملة معظم الوقت . لا يراها أحد و لكنني وحدي أشعر بها ، فأطمئن و أبدأ في تعلم الخطوَ الخفيفَ و كيفية اختصار الكون في ضحكةٍ رائقةٍ.
لئلا أكسر هشاشتي أنشغل بتقوية كائنات أخرى تعاني الهشاشة أيضاً ، فأحمل الصغيرة بين ذراعيّ و أصنع لها مركباً ورقيةً صغيرة بحجم كفة يدها ، نغمس المركب كاملةً في الزيت و نتركها لتجف ، ثم نبدأ في مراقبتها تتأرجح بهدوء فوق سطح الماء ، لا البَللُ يصيبُها و لا التعب . تضحك و يعجبها الأمر ، فأصنع لها مزيداً من المراكب تلهو بها و تعطيني ضحكاتٍ أوسع أعوض بها دفأ لم يأت منذ زمن.
لئلا أكسرَ هشاشتي أمشي خفيفاً خفيفاً ولا أضغط . أمر بهدوءٍ فوق ذاكرة لا تحتمل ، دون أن أُزيد على المسافةِ بين حافتي شرخ قديم لا يلتئم ، و دون تعطيلٍ لحركة الحكي . أحاول التصالح مع الفقدِ و الوحشَةِ و فكرة المرض ، و وخز ما بعد الأخطاء . فلا أعود لحمل كل هذه الذنوب المتراكمة في حقك ، في حقي ، وحتى في حق مثل هذا الكائن الصغير الذي رأيته مرتين بأسبوع واحد ، و بالمرتين كان يملكُ قدماً خلفيةً يملؤها الألم عن آخرها فلا يمكنها أن تدوس الأرض و لا يمكنني أن أفعل حيالها أي شئ ، أي شئ !.
أحاول التصالح فعلاً مع كل هذه الأمور التى لا تتركني لحالي ، و فوق ذلك أحاول أن أقنع مساحةَ عقليّ الضيقة بأن الدعاء و إن لم يُنطق يصل ، و إن و صلَ لا يُـرد . لئلا أكسرَ هشاشتي أقضي معظم الوقت في المحاولة ، و في لحظة واحدة ، لحظة واحدة ، يمكن أن أنكسرَ بسهولة شديدة.
ملاحظة :
العنوان و الجملة المتكررة جزء من قصيدة " أنت منذ الآن أنت " لمحمود درويش।