يتم التشغيل بواسطة Blogger.
RSS

أبيض أسود



أبيض أسود أبيض أسود أبيـ.. خطأ ، قدمك علي الحد الفاصل ، نعيد مرة أخرى ، خطوة اثنتان ثلاثة .. صح .. باقي خطوتين .. أبيض أسود .. برافووووو . كنت لا أمشي في الشارع مثل الباقين . أصر أن أمشي علي أحجار الرصف الملونة قدم على الحجر الأبيض وأخرى علي الحجر الأسود ولا يصح أن أضع قدمي علي الحد الفاصل بين اللونين . يبدو شيئا غريبا الآن ولكن الأغرب أن أمي كانت تطاوعني . طريق المدرسة كان يستغرق خمس دقائق نقطعه نحن في نصف ساعة . يمر بي معظم زملاء الفصل في الطريق ، يعطونني صباح خير وتعطيهم أمي ابتسامات طيبة وقطع حلوى صغيرة ، كان لديها الكثير من هذه الاشياء . أمي كانت تقول دائما أن الحب طاقة ، فلماذا ضحك زملائي في الفصل حين سألنا المدرس عن أنواع الطاقة التي نعرفها؟ رفعت يدي وقلت طاقة الحب . حينها ابتسم المدرس وقال .. صح ولكن أنا أقصد أنواعا أخرى ، ولم أكن أعرف أنواعا أرى فسكت . حين عدت لأمي أخبرتها بما حدث فضحكت هي الأخري .. بكيت . تضحك علي مثلما فعل الباقون في الفصل؟!! . احتضنتني وقالت لم يقصدوا وأفهمتني الفارق بين طاقة الحب وبين الطاقات الاخرى الغريبة التي شرحها مدرس العلوم . قالت ماذا تعرف عن الطاقة ؟ قلت لا تفنى ولا تستحدث من عدم . يعني؟ . لا أعرف ، هكذا نقول طوال اليوم في الفصل . ضحكت أمي ، ضحكت كثيرا .. ياااااه . ضحكة أمي حلوة جدا . كنت سـ.. آااه ، خبط علي الباب أفزعني . خبط وليس دق . الدق يكون بهدوء ولكن هذا خبط . قرار لحظي : لن أفتح . قرار لحظي آخر : سأفتح .. أوبخ الطارق وأغلق الباب في وجهه ، لا أحد يطرق الأبواب هكذا .

أفتح الباب ، لا أري أحدا ، أغلقه بقوة ، وغيظ . دقيقتان بالضبط ويفزعني خبط آخر ، يا الله ، للصبر حدود فعلا ، اعود وأفتح الباب وادقق النظر جيدا ... أااخ . أخبط جبهتي بكفة يدي وابتسم ، كان لا بد أن أعرف هذا من المرة الأولى . عمر . عمر ابن الجيران . " لو ثمحت يا عمو ثلحلي الطيارة دي " . عمر هذا شبر ونصف ، أربع سنوات لكنه فعلا شبر ونصف . لا يمكنك رؤيتة في أغلب الاحيان ولكن يمكنك بالتأكيد وبمنتهى السهولة أن تتدرك أثره . تتسع ابتسامتي أكثر . أنا أحب عمر وأحب حرف الثاء المسيطر علي معظم حروفه . اللغة العربية لديه عبارة عن عشرين حرف وحرف الثاء . آخذ منه الطائرة الصغيرة ، أفكها وأعيد توصيل سلكين انفصلا عن بعضهما فتنير الطائرة وتتحرك مروحتها الصغيرة . يقفز عمر من الفرحة ويأخذ الطائرة ، يفرد ذراعيه علي اتساعهما ويغمض عينيه بنشوة ويطييييير . بعد أربع أو خمس دورات يتوقف " مع الثلامة عمو " . يفتح الباب ويكمل دورانه علي السلم . أشاهده من البلكونة وقد جمع الأطفال حوله يريهم أنوار الطائرة وحركة مروحتها ثم يشير إلي ويبتسم . يفرد ذراعية ثانية ويدور . يفردون أذرعتهم ويدورون . يصنعون حلقات صغيرة تدور وتدور . يقلدون أصوات الطائرات ويضحكون بصوت عال جدا كأنهم طائرات فعلا. أترك الشقة وأنزل إلي الشارع ، أعطي عمر قبلة صغيرة . لا يتوقف عن اللعب لكنه يصيح " ميرثي يا عمو " ويقولون وراءه " ميرسي يا عمو " . أذهب وأشتري الكثير من الحلويات ، أوزعها عليهم جميعا ولا أعود إلي المنزل ، فقط أقفز فوق الرصيف الملون ، أبيض أسود أبيض أسود . أمر علي المدرسة في طريقي . اذكر مدرس العلوم وأضحك ، أبيض أسود أبيض أسود ، ضحكة أمي ، أبيض أسود أبيض أسود .



  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS

16 التعليقات:

Baskouta يقول...

الله الله الله
تحفة تحفة تحفة
مش عارفة القصة دي عملت فيا ايه
رجعتني لايام الطفولة ... فكرتي بحركات الطفولة
رجعتني لايام اللعب قدام البيت .. وجنينة البيت اللى كنت انا واولا عمي نملاها لعب يومي الخميس والجعة... وكيف كنا نكره يوم الجمعة لان اللعب فيه بيخلص بسرعة علشان ماماهتنا بيندهوا علينا علشان ناخد الشاور بتاعنا ونراجع دروسنا علشان بكرة دراسة

فكرتنى كمان باحساس الفصل وسذاجة الطفولة ... وخصوصا الجزء الخاص بميرثي يا عمر ودورانه زي الطيارة ... حسيت انى واقفة معاهم وبتفرج عليهم
حسيت ان نفسي اعيط وعاوزة ارجع تاني لايام الطفولة
عاوزة ارجع العب واتنطط واجري واتخانق واتبسط واتقمص من اصحابي ونتصالح
ونكسر اللعب ونعمل غيرها من اي حاجة
نفسي اركب عجلتي تاني والف بيها مدينتي
نفسي اوي

بوست رائع بجد
وخطف روحي مني بجد

اسلوب جاااااامد اخر حاجة
تحياتي البسكوتية

ponpona يقول...

أهلا يا بسكوتة
معلش إذا كان البوست خلاكي عايزة تعيطي
تعرفي أنا لو رجعت صغيرة تاني نفسي أعمل ايه؟
نفسي أرجع أقرأ دروس القرأة بتاعة ابتدائي ..ابتدائي تحديدا
مش عارفه ليه باحس فيها شغف رغم انها بتبقي ساذجة أغلب الأحيان

حلوة تحياتك البسكوتية دي علي فكرة
المرة الجاية بقي أنا عايز معاها كمان واحد بوريو
أيووون .. بوريو . عشان أنا مش باكل بسكوت إلا ده D:

شاب فقرى يقول...

حلوة اوى كتاباتك
عارفة يا منى
بقيت كل اما اقرا سطر
احط نهاية سودا للموقف
مرة أتخيل ان الطفلة بتكبر ومليانة عقد نفسيه
ومرة بتخيل ان عمر بيقع من عالسلم
ومرة بتخيل ان لما تفتح الباب هتلاقى حرامى
ومرة بتخيل ان بعد ما توزع الحلويات هتخبطها عربية

ياترى انا متشائم يا منى ؟
ولا ياترى هل انا مش قادر ارسم قصة حلوة بنهاية حلوة
ولا عشان مبقتش مقتنع بالنهايات الحلوة السعيدة
ولا بقت السعادة عندى مستحيلات
ولا دا معناه انى انسان متسرع بستنى النهاية تيجى بسرعة حتى لو كانت قاتمة سودا
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
مش عايز اعكر عليكى صفو ما كتبتى
يكفينى انى اقولك انى السيراميك فى الشقة ابيض كله
بس كنت بتخيل انا وبقسمه وبقعد امشى كدا
وكنت بعمل كدف فى المدرسة الثانوى
وفى الطريق فى الجامعة لما ركبوا بلاط قدام المكتبة المركزية
كل دا مازال مستمرا معى
يارب تكونى بخير
شاب فقرى

فراشة يقول...

منوووووووووون العسول
وحشاني خاااااالص .. آه والله

بجد بجد انبسطت جدا وانشكحت جدا وفرفشت قوي وارتفت روحي المعنويه لما قريت البوست دا

اولا.. فكرني بيا وانا صغيوره كنت بمشي على الرصيف كدا وكنت بمشي على قضبان القطر فارده ايدي كأني ف سيرك واحاول مقعش لكن دلوقتى احيانا ولما بعملها الاقي صحابي يقولولي يا طفله :)

ثانيا .. فكرتني بأيام ما كان عندي طاقه حب بوزعها على اللى حواليا ومع الزمن باينها خلصت
المهم هحاول اخليها ترجع تاني


ثالثا ... بوست جميل قوي وحبيته خالص
تسلم ايديكي الجميله يا قمر

P A S H A يقول...

حلوة

كلامك فيه موسيقى تصويرية

بافرح لما باقرالك

اشكرك بامتنان

:))

ponpona يقول...

فقري
أنا بردو بحب أعمل كده في الشارع لكن ساعات بتبقى الاحجار بتاعة الرصيف كبيرة قوي خطوتي مابتجبهاش :( بس احسن مكان تعمل فيه كده فعلا هو علي البلاط اللي معمول قدام المكتبة المركزية ده . لما بيصادف واروح الجامعة ببقى مبسوطة .

بالنسبة بقى للنهاية
أهي طلعت بيضا أهي خدها بقى بدل
النهايات السودا الي انت كنت عمال تحطها دي

ponpona يقول...

فراشة
سعيدة لانبساط حضرتك يا فندم ;)
بالنسبة بفى لطاقة الحب اللي خلصت
فاحب اقولك ان الطاقة لاتفنى ولا تستحدث من عدم D:
دوري عليها تاني وانتي هاتلاقيها هنا ولا هنا
:)

ponpona يقول...

PASHA
أنا بافرح لما بفرح حد
شكرا ليك بقى علي شوية الفرحة دو :)

إيثار يقول...

تفاصيل دقيقة صغيرة لكنها محملة بالكثير
مكونةالحياة باكملها

اكثر من رائعة
تحياتي

Heba Gamal Emara يقول...

كعادتك يا بنبونة ومفيش جديد
ع طوووول بتنشرى ابتساماتك وضحكاتك وكلماتك الشقيه على كل اللى حواليكى

يا رب دايما كده على طول
بس للأسف انا جربت انى اكون مصدر لطاقه الحب دى
بس كانت النتيجه عكسيه مع اللى عملت معاهم كده
علشان كده عايزة اقول ان الطفوله البريئه والحب البرئ ده مينفعش مع اى حد

لازم مع حدا نتى عارفاه كويس وكويس اوى
علشان طاقه الحب دى متبقاش طاقه كره

معلش اضفت نهايه سوداويه ف نهايه الكومنت
وااااااااحشاااااااااانى

ponpona يقول...

قيس بن الملوح
أنا مش فاهم حاجة خالص

ponpona يقول...

عاشقة الحب
سعيدة بمرورك :)

ponpona يقول...

هبه
أي طاقة لازم تتوجه صح إلا الحب
الحب لازم يًستقبل صح .. فلو التانين ماستقبلهوش صح
يبقى المشكلة عندهم هما مش عندك انتي .. بس كده

أشوفك في اقرب فرصة يا هبه ان شاء الله
ادعيلي بس اموري تتظبط :)
سلام كبير بقى لحد ما شوفك

علياء يقول...

الله عليكي..
بجد تسلم إيدك والله يا منمن :)

فعلاً بحس بفرحة لما بقرأ لك.. كتاباتك بحس فيها بخفة وروح جميلة كده ..

الله ينوّر :)

ponpona يقول...

علياء
ربنا يكرمك وانتي رافعة معنوياتي كده :) :)

Ahmed Fayez يقول...

"سألنا المدرس عن أنواع الطاقة التي نعرفها؟ رفعت يدي وقلت طاقة الحب".

هو فعلاً طاقة لكنها ليست ضمن مقرر العلوم.
ربما تضاف إلى المناهج التعليمية عندما يضعها شخص يعرف كيف يحب التلاميذ و يحب أطفال بلاده.

القصة رائعة.

إرسال تعليق