بإبرة وخيط ستبدأ في حياكة أمنيات جديدة . تقول لنفسها " أمنيات جديدة تليق بعام جديد " . تدور في البيت بحثاً عن كل بكرات الخيط التي تملكها و تتأكد من تواجد الأخضر و الورديّ بكمياتٍ مناسبة . تبعد الأصفر عن باقي الألوان " لن أصنع أمنية ً صفراء " ، و حين تكتشف عجزاً كبيراً بالخيط الأبيض تذكر آخر أمنيتين صنعتهما ، واحدة كانت في بداية العام و أخرى من شهر مضى ، في هاتين الأمنيتن تحديداً كان يلزمها كثيرٌ من الخيوط البيضاء . هل لأن أمنيات الشفاء يناسبها الأبيض أكثر ؟ أم لأن الألوان الأخرى لا تملك نفس القدرة على تحمل الألم ؟ . لا تعرف .
في المحل تواجه البائع محملة ً بحفنةٍ كبيرة من بكرات الخيط البيضاء فيندهش من كل هذا الكـَم و يسألها متشككاً " هل ستحتاجين فعلاً إلى كل هذا ؟ ! " . تذكركل أمنياتها دفعة واحدة فتخبره بثقة " أي نعم " . يبتسم البائع من ثقتها و يعطيها فوق ماتحمل بكرة أخرى . تحتفظ بها و تقرر صناعة أمنية صغيرة له .
قبل أن تبدأ تدون أسماء كل من تحبهم في ورقة وتدون أمنياتهم في المقابل كي لا تنسى أحداً ، كي لا تنسى شيئاً . تذكر العام الماضي حين فعلت مثل هذا ، حينها كان لديها عدد أقل من الأسماء و الأمنيات ، وحينها قضت ثلاث ليالٍ كاملة تَحِـيكُ وانتهت بحصيلة من آلام العينين والرقبة سرعان ما نسيتها و انشغلت بحصيلتها الأكبر من الأمنيات . تنظر لقائمتها مرة أخرى ، تبتسم للحصيلة الأكبر المتوقعة هذا العام ، ثم تقوم بطقس صغير يخصها .. تغمض عينيها و تبدأ في تنقية خاطرها من كل الانكسارات المتفرقة التي أصابته ، انكسارة ٍ انكسارة لا تترك حتى واحدة . تقول لنفسها " لا يمكنني صناعة أمنية بخاطر مكسور .. لا يمكنني أبداً " . تسوي الغطاء حولها اتقاءً لبرودة ديسمبر و تبدأ في الحياكة .